العالم اليوم بِسببِ كثرة الاحتِياج، وبِسبَب التَّغيُّرات وظُروف المناخ، وظاهرة الاحتِباس الحراري وقلَّة الأمطار
ويشكو من قلَّة المياه وقلَّة نزول الأمطار، والذي ينعكس سلبًا على واقِع الحياة بكلِّ مَرافِقِها، والعراقُ هذا العامَ شهِد قلَّةً في نسبة هطول الأمطار؛ إذ بلغتْ نسبة الأمطارِ ما بين 20 و30 % بعد أن كان يتراوحُ متوسِّط هطول الأمطار السنوي ما بين 1100 و 1200 ملليمتر، وأسباب كثيرة أخرى أدَّت إلى نقْص المياه عالميًّا، والعراق بالطبع هو دولةٌ من دول العالم تُعاني من ذلك، ولكن ممَّا يُثيرُ الاستغراب في هذا المجال أنَّ العراق هو أرض الرافدين حيثُ نَهرا دجلة والفرات، وليس نَهرًا واحدًا أو نَهرًا صغيرًا، وإنَّما نهران، ومجراهما في العراق مجرى طويل، إضافة إلى وجود المياه الجوفيَّة ومنابع المياه الأخرى، فكيف يُعاني العراقيُّون من شحة المياه وقلة مصادر المياه؟!
وجود السدود في تركيا وسوريا زاد من أزمة المياه
وما زاد في مُشكلة شحَّة المياه بالعراق هو وُجود السُّدود ومستودعات المياه في تركيا وسوريا، على مَجرى نهري دجلة والفرات؛ مِمَّا يُقلل من كَمِّية المياه الدَّاخلة للعراق عبر مَجرى هذَين النَّهرين، فدنت مناسيبُ المياه في نَهري دجلة والفُرات، اللَّذَين ينحدران من البلدين المجاورين بأكثر من 60% على مدى عشرين عامًا الماضية.
وستصل نسبة العَجْز في مياه الأنهار المُشتركة الواصلة إلى العراق من هذه الدُّول إلى أكثرَ من 33 بليون متر مكعب سنويًّا، بحلول عام 2015، إذا لم تتوصل الأطراف المعنية إلى اقتسامها في شكل عادل.
يُذكر أنَّ حاجة العراق الحالية تتجاوز 50 بليون متر مكعب، علمًا أنَّ مساحة الأراضي الصَّالحة للزِّراعة في البلاد لا تتجاوز 10 ملايين دونم، وإنتاجيتها متدنِّية.
وتبلغ الواردات المائيَّة الحاليَّة لكلِّ الأنْهار الوافدة إلى العراق أو الجارية فيه إلى 43.92 بليون متر مُكعب، لكنَّها تُعاني ارتفاعًا في نِسَب الملوحة، بخاصَّة في حوض الفُرات في كُلٍّ من تركيا وسورية، وإنَّ طاقة الخَزْن الكلية في العراق تبلغ 148.91 بليون متر مكعب، لكنَّها لا تخزِّن أكثر من 77 بليون متر مكعب، وإنَّ طاقة خزن المياه في مِنطقة الأهوار البالغة 20 بليون متر مكعب تأثرت كثيرًا خلال السَّنوات الأربع الماضية؛ نتيجةَ سَحْب كَمِّيات كبيرة منها بسبب حالة الجفاف التي شهدها العراق.
أيضًا قيام تركيا بإنجازها لمشاريع وسدود ضخمة على نَهري دجلة والفرات، مثل: مشروع سدِّ الكاب، وسد اليسوا، ومشروع الكاب وحدَه يُخزِّن 100 مليار متر مكعب سنويًّا، أي: ثلاثة أضعاف ما تخزنه سدود سوريا والعراق مُجتمعة، وستنخفض كمية مياه دجلة الداخلة إلى العراق من 20.93 مليار متر مكعب في السَّنة إلى 9.7 مليار متر مكعب في السنة، وهذا يشكل ما نسبته 47% من نسبة العام الماضي.
ويُشار إلى أنَّ تركيا ماضية في تشييد مشروع "كاب"، الهادف إلى إنشاء 22 سدًّا و19 محطة كهرومائيَّة على نهري دجلة والفُرات؛ لرَيِّ مساحة تزيد على 9 ملايين دونم في منطقة الأناضول، من خلال خزن كَمِّية تزيد على 100 بليون متر مكعب، وهذا سيقضي على ثُلُث مساحة الأراضي الزِّراعية في العراق خلال 15 سنة.
وضع الأراضي الزراعية بالعراق أثر الأزمة:
ولقد كان لتدنِّي مُستوى المياه الدَّاخل للعراق الأثرُ الكبير على مُستوى المياه في العراق وخاصَّة بالنسبة للأراضي الزِّراعية؛ مما انعكس على إنتاجيَّة الأراضي الزِّراعيَّة في العراق إنْ لم تكن قد بلغت إنتاجيَّة البعض منها أقل من خمسين بالمائة؛ حيثُ تدنَّت الإيرادات المائيَّة لنهري دجلة والفرات وروافدهما، وبَلَغت نسبة الواردات المُتراكمة حتَّى يوم 15 نيسان - أبريل - الماضي نحو 10.07 مليار متر مكعب بالنسبة لنهر دجلة الرئيس، والزَّاب الأعلى والزاب الأسفل، وتشكل نسبة 45% من المعدل العام، ومليار متر مكعب بالنِّسبة لنهر ديالى، وبنسبة 31 بالمائة من المعدل العام، أمَّا بالنسبة لنهر الفُرات؛ فقد بلغت الواردات المائيَّة 8.72 مليار متر مكعب، وهي تشكل نسبة 69 بالمائة من المعدل العام.
الإيرادات كانت من قبلُ؛ فقد بَلَغ إجمالي الخزين الحي في السُّدود والخزانات حتَّى شهر نيسان - أبريل - الماضي 22.26 مليار متر مكعب، وهو أقلُّ من إجمالي الخزين الحيِّ للعام الماضي، وللتَّاريخ نفسه بمقدار 9.19 مليار متر مكعب الذي يُمثِّل مقدار العجز في الخزين المائي.
الوضع في مدينة الموصل من جراء الأزمة:
ففي مدينة الموصل - مركز مُحافظة نينوى، تبعد مسافة 402 كم إلى الشَّمال من العاصمة بغداد - يُعاني المواطنون العراقيون من قلَّة المياه، وقد تنقَطِع المياه عنهم لعِدَّة أيام، ويعودُ ذلك إلى توقُّف مضخَّات مَحطات تصفية الماء عن العمل؛ نظرًا لانخفاض منسوب مياه نَهر دجلة، وأنَّ مستوى ماء النهر انْخفض إلى دون مُستوى أنابيب السَّحب؛ مِمَّا أدَّى إلى عدم استطاعة المضخات سحبَ الماء، وسبب انخفاض منسوب دجلة هو نتيجةُ موسم الجفاف الذي مرَّ به العراق هذا العام، وانحباس الأمطار وقلَّة الثُّلوج في مناطق شمال العراق، خلال الشِّتاء الماضي؛ مِمَّا أدى إلى قلة الروافد التي تُغذِّي النَّهر.
وذكر سكان مَحليون في الموصل أنَّهم لاحظوا انخفاض مُستوى ماء نهر دجلة، الذي يمر وسط المدينة، إلى مُستويات وصفها بعضهم بالمُخيفة.
تجهيز السدود للطاقة الكهربائية توقف:
إنَّ قلة المياه في العراق بدأ يؤثِّر على فعاليَّة السُّدود في تجهيز الطاقة الكهربائية، وأدَّى ذلك إلى توقُّف منظومات الطَّاقة الكهربائيَّة في سدَّي الموصل وسامراء - شمال العراق - مِمَّا سيؤثر على النَّشاط الصِّناعي، والبِنَى التَّحتيَّة كمحطات تصفية المياه ومصافي النفط، إضافة لمشاكل الصرف الصحي التي من المتوقع أنْ تَحدث للشَّبكات الواقعة على ضفتي دجلة والفُرات والتي ستُؤدي إلى تلوُّث نوعيَّة المياه، حيثُ تبلغ نسبة التلوُّث نحو 1800 مج/ لتر الآن، في حين أنَّ المعدل العالمي نحو 800 مج/ لتر.
منقووووووووووول للفائدة تقبلي مروري بفائق التقدير